شهر أيار 2015 ليس شهر إنجاز استحقاق انتخابات المجلس الاسلامي الشرعي فحسب، بل إنه الشهر الذي تُصادف فيه الذكرى السنوية الأربعون لآخر انتخابات جرت في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في عهد الإمام السيد موسى الصدر!
يا لها من صدفة... تزامن استحقاقات المجالس الملية الإسلامية الرسمية في لبنان التي ينبغي أن تكون محطة للوقوف عندها، بحثا في الواقع الإسلامي العام الآخذ بالانحدار، ليس نتيجة ما يجري في بعض بلدان العالم الإسلامي فحسب، بل حتى على الصعيد الداخلي للمجتمع الإسلامي في لبنان...
لا تخفى على أحد التحديات الجسيمة التي تواجه المسلمين السنة نتيجة ارتفاع منسوب حضور القوى التكفيرية و الإرهابية، كما أنه بات واضحاً حجم الهوة العميقة بين المؤسسة الدينية الشيعية و المجتمع الشيعي، فالمجتمع الشيعي لم يشهد ضخ دم جديد في مؤسسته الرسمية من أربعين عاماً، وتالياً فإن من يتولى زمام الأمور حالياً لا يُعبر عن آمال و طموحات أبناء الشيعة اليوم.
عليه، فإن على المسلمين بشكل عام الوقوف عند مسؤولياتهم اتجاه الشعب والأجيال والوطن، وفي ظل الحراك العربي العام التواق للحرية ولفرض وترسيخ مبدأ تداول السلطة وتعزيز الديمقراطية، حري بالطائفة الشيعية إنتاج إدارة عصرية للمجلس الشيعي يكون بمقدورها مواكبة العصر الراهن واستحقاقاته الملحة.
وقد تساءل البعض عن مصير الدعوى التي أقيمت في العام 2012 في مجلس شورى الدولة والتي تطالب بضرورة إجراء انتخابات لهيئتي المجلس الشرعية والتنفيذية ولرئيسه ونائبيه، لا سيما وأنه منذ رحيل رئيس المجلس الشيعي الإمام شمس الدين ولتاريخه، فقد انتخبت أكثر من طائفة رئيسها الروحي وما زال الشيعة ينعمون بالفراغ. ففي الطائفة المارونية استقال البطريرك نصرالله صفير وانتخب البطريرك بشارة الراعي، ولدى الدروز انتخب الشيخ نعيم حسن شيخا للعقل، ولدى السنة تقاعد المفتي قباني وانتخب الشيخ عبد اللطيف دريان مفتيا للجمهورية، كذلك فقد انتخب السريان الكاثوليك البطريرك يونان، في حين أن السريان الأرثوذكس انتخبوا البطريرك أفرام الثاني خلفاً للبطريرك زكا الأول عيواص...
كل ذلك والشيعة لم ينتخبوا خليفة للإمام شمس الدين الذي توفي في بداية العام 2001. و من منطلق حرصنا على بقاء غنى لبنان بتنوعه الديني الفريد، فإننا مهتمون باستمرار التوازنات الحافظة للتنوع، وحريصون على أن يكون دور المؤسسة الدينية يصب في خانة بلورة دور رائد للطوائف في سبيل بناء لبنان الرسالة، لبنان العيش المشترك، لبنان المحبة و السلام، لبنان التنوع... فهل يعي المسلمون حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم؟ هل يدركون أن تعزيز حضور المؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية هو ضمانة لمنع انتشار التيارات المتعصبة والمذهبية التي بات لبنان يعيش تحت ظل رحمة تورمها الخبيث؟!
كلنا أمل أن يعي المسلمون دور مؤسساتهم وضرورة تحديثها وتطويرها وتعزيز حضورها... فهل يعون ذلك؟
* نائب رئيس الهيئة الشبابية الاسلامية- المسيحية للحوار
ناشط في حوار الاديان